عندما تسقط فتجزم ألاّ نهوض، وتنزل لدرجة يصعب معها الصعود، فلا تجد لنفسك عزما، و لا قوة و لا فهما،، هنا.. تقرر ألاّ تعود، و توقن بانتهاكك للعهود، فتولي الأدبار تاركا، النور إذ أصبح خافتا، فتدفن قلبك الذي مات، و تشتغل أنت بالتفاهات، و لكن القلب المدفون تحرك، فنفض عنه التراب و استدرك، فبرز سر واحد جبار، ينقذ القلوب قبل أن تنهار ..انه الإصرار. إصرار رغم الخطأ و الزلة، إصرار رغم الهوان و الذلة! إصرار حتى الوصول، إصرار حتى القبول..

السبت، 28 فبراير 2009

الثورة بالمقلوب

الثـــــــورة .. بالمقلوب !

لن أطلب منك أن تذهب إلى شارع " بان عليا نبان عليك " كما يحلو للبعض تسمية شاع فال ولد عمير ..لتقف هنيهات أمام ماكدونالدز ..كما أني لن اطلب منك أن تقصد LOFT بشارع النخيل لتلعب البيار مع ثلة من رجال الغد ..و حتى لن أطلب منك المرور بجانب MEGA MALL يوم السبت مساء !!

فقط اطلب منك.. أن تمر بأحد الأحياء التي تعتبرها شعبية ..ثم فلتلقي نظرة على أي تجمع شبابي .. و ليس حتى شبابي، فقط مراهقين لا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشر .. و تطلب منهم طلبا واحدا: أن يخرجوا لك من جيوبهم هواتفهم النقالة !

أتحداك ثم أتحداك و أزيدك في التحدي واحدة لأكمل الثلاث .. أن لا يكون عند احدهم هاتفا )أولا( ، و أن تكون هواتفهم تختلف كثيرا عن تلك التي شاهدتها في أحدث الإعلانات أو مرت على ناظريك في آخر اللوحات الاشهارية أثاء وقوفك في احد روبوانات )ثانيا(، ..

و إن قدر الله و خسرت التحدي إذ وجدت واحدا ضمن العشرة يحمل هاتفا من النوع قاضي حاجة .. فإني أطلب منك فقط ألا تستعجل و تترك له الفرصة ليحكي لك عن مأساته - التي تشغل تفكيره كله فلم تبقي منه شيئا للدراسة و غيرها - مع هاتفه الذي سرق .. و يخبرك بأن هذا الهاتف الذي معه فقط كايقضي بيه كي لا تتعطل مصالح البلاد و العباد ، إلى أن يتمكن والده- الموظف البسيط- الذي أنهكته فواتير الماء و الكهرباء من إنهاء الكريدي ديال الثلفازة و التلاجة.. و جاكيت أخته المتأنقة المتألقة التي استعارت ما يعادل نصف راتبه لتشتريه من ZARA !!!

و بما أن قضية شراء بورتابل جديد عوض ذاك الذي سرق قضية مهمة تمس كرامة و نخوة ابنه البكر أمام خلانه .. فستكون من أولويات المصروف المنزلي في الأيام المقبلة و لذلك سيتم تأجيل الخلاص ديال الكارني للحوسين مول الحانوت شهرا رابعا ..إلى حين تخطي هذه الأزمة المالية ! و عزاؤنا الوحيد لهذه الأسرة الطموحة المكافحة أنها ليست وحدها من تعاني من أزمة مالية.. فالعالم كله يغرق فيها !!

و رغم أني أعلم أنها ستتمكن من تخطي الأزمة و الوقوف على رجليها من جديد، لكني لا أضمن أنها ستقع في مدة وجيزة في أزمة أشد تعقيدا.. عندما تجود علينا التكنولوجيا ببورتابلات جديدة فيها من الخاصيات ما يفوق بكثير تلك التي يحتوى عليها البورتابل الجديد )و الذي أصبح قديما في نظر صاحبه( و المصيبة سوف تزداد سوء إذ أن ZARA ستعلنت عن la nouvelle collection... !

و هكذا فكرامة الأبناء و ثقة البنات في أنفسهن و افتخار الآباء بأبنائهم ..ستظل على المحك إلى الأبد ، مرتبطة بالقدرات الشرائية و بعيدة كل البعد عن القدرات الفكرية و الثقافية و الأخلاقية.. !!

و سيظل المجتمع يعيش في ثورة حقيقية فيها كل مظاهر التكنولوجيا من سيارات و هواتف و آلات.. و الماركات العالمية من الملابس و الأحذية و الأفرشة و الأطعمة.. و لكن هذه الثورة استهلاكا و ليس إنتاجا.. فهي بالمقلوب !

و لأن المغاربة يعيشون هذا الوضع بجدارة..عبروا عنه بنفس الجدارة أيضا عندما قالوا: الزلط و التفرعين !!

فياليتنا نتخلص من هذا الزلط الفكري و الثقافي و الإيماني.. لعلنا نتفرعن يوما .. بشيء ننتجه !

ليست هناك تعليقات: