عندما تسقط فتجزم ألاّ نهوض، وتنزل لدرجة يصعب معها الصعود، فلا تجد لنفسك عزما، و لا قوة و لا فهما،، هنا.. تقرر ألاّ تعود، و توقن بانتهاكك للعهود، فتولي الأدبار تاركا، النور إذ أصبح خافتا، فتدفن قلبك الذي مات، و تشتغل أنت بالتفاهات، و لكن القلب المدفون تحرك، فنفض عنه التراب و استدرك، فبرز سر واحد جبار، ينقذ القلوب قبل أن تنهار ..انه الإصرار. إصرار رغم الخطأ و الزلة، إصرار رغم الهوان و الذلة! إصرار حتى الوصول، إصرار حتى القبول..

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2008

غزة تحترق..و غدا احتفالات رأس السنة!!

البارحة..كان يوم عطلة، طوال اليوم و عيوننا مشدودة أمام القنوات الإخبارية.. نشاهد نفس المشاهد و لا نجد ضيرا من تكرار مشاهدتها..أجد نفسي عاجزة عن القيام بشيء آخر غير ذلك.
يبدو أن المظاهرات في الدول العربية مستمرة .. صور من وقفة يوم السبت بالرباط و الأخرى يوم الأحد بالدار البيضاء تتكرر في النشرات الإخبارية.. كنت حانقة جدا على عدم وجود أي تحرك جديد رغم انه يوم عطلة.. ظللت هكذا إلى أن تلقيت اتصالا يخبرني بوجود وقفة على الساعة الخامسة بالقرب من CDG ..
لقد كانت "وقيفة" فقط و لم يصل عدد المحتجين لدرجة تُمَكّننا من تسميتها بوقفة.. و لقد كان عدد )أصحاب اللباس الأخضر( أكبر بكثير من عدد المتظاهرين لدرجة تمنيت معها أن يغيروا ملابسهم و يقفوا معانا فقط.. لكي يكثِّرونا في عيون عدسات الصحفيين !
المهم صرخنا ما شاء الله لنا أن نصرخ .. كنت في البداية ذاهبة لأنفس عن القليل من الهم (معتقدة بأنه أضعف الإيمان)..لكني رجعت مُحملة بهموم أكبر..هموم تلك الشعارات التي كنّا نردد : يا شهيد ارتاح ارتاح.. سنواصل الكفاح !
من المؤكد أن الشهيد مرتاح الآن.. لكن عن أي كفاح كنت أتحدث؟؟!!
(……….)
اليوم، ذهبت إلى العمل صباحا .. جالسة أتحدث أنا وزميلتي عن الوضع في فلسطين حين سمعنا صراخا و هتافا من قريب.. توجهنا نحو النافذة لنجد تلامذة ثانوية الليمون خرجوا و هم يرددون شعارات حول فلسطين .. شيء يدعو للبهجة )في ظاهره(..هناك من تحرك !
اتجهوا نحو ثانوية لالة نزهة ليخرجوهم أيضا فيما يبدو..
لقد كانت النافذة التي أطل منها قريبة من المتجمهرين..استطعت أن أرى بوضوح ملامح هؤلاء الفتية و الفتيات
استطعت أن ألمس في عيونهم فرحا بخروجهم من قاعة الدراسة أكثر من حملهم لهَمّ القضية التي خرجوا من اجلها..حتى صراخهم و هتافاتهم ..أقرب ما تكون لهتافات مباراة كرة قدم منها لهتافات تُندد بمجازر تقع في بلاد المسلمين !

و من المشاهد السّــــــــــــــاخرة أنقلها إليكم وسط خضم هذه المظاهرات:
فتاة تقف بجانب الحائط ممسكة بمرآة .. تضع شيئا من fard à joues و شيئا آخر من fard à paupière و الوقت كان يسمح أيضا بوضع شيء من mascara.. ثم تنزع وزرتها المدرسية و تركض باتجاه المتظاهرين و شَعرها يتطاير مرددة : خيبر خيبر يا يهود.. جيش محمد سيعود!
مشهد آخر:
وقف أحد الفتية المتزعمين ، و حزام سرواله يصل إلى.. حيث تعلمون.
وقف في قلب الحدث و هو يحمل صورة لراية إسرائيل .. تناول "بريكة" من جيبه )و لعلكم تتساءلون ماذا تفعل "البريكة" في جيبه( و قام بإحراق الصورة وسط هتافات لا تلمس في أصدئها قشعريرة همٍّ أو حرقة ! هذا البطل كان يمسك بفتاته بعد مدة من قيامه بهذا العمل الرائع و هي تبتسم بملء فمها : إنها فخورة به جداً !!
لدي المزيد من المشاهد:
عندما خرجت من العمل..و ركبت في الحافلة، تصادف التقاء الحشود المتظاهرة من التلاميذ مع الحافلة التي أركب فيها
لقد وجهوا للحافلة ضربا مبرحا بالأيدي و الأقدام .. التفت يمنة و يسرة لأتأكد من الركاب حولي.. أنهم ليسوا سيّاحًا أََتوا من إسرائيل .. أعدت الالتفات من خلفي و أمامي لأتأكد أن مبارك و ليفني ليسوا من ركاب الحافلة..أخرجني من هذا الالتفات رجل قال: هكذا تعبرون عن وعيكم !!
ليست الصورة قاتمة إلى هذا الحد..من المؤكد أن هناك من خرج متضامنا كما يجب للتضامن أن يكون..لكني اذكر جيدا في حرب العراق2003 .. كنت تلميذة بثانوية لالة عائشة ، و لقد انقطعنا عن فصول الدراسة زمنا من أجل المظاهرات المنددة بالغزو الأمريكي .. أو هكذا كان يبدو
لكن إليكم بعض من المفاوضات الداخلية و التي كانت تؤدي في النهاية لخروج كافة التلميذات من المؤسسة :
-يالله نخرجوا باش مندوزوش امتحان في الماط
-يالله زيدوا..مافيا ماندخل ساعتين عند داك الزمر ديال الفلسفة
-و راه كوووولشي خارج زيدي آصاحبتي
-أواااااااااه...مغانقراوش
-.....
ثم بعد الخروج من الأقسام: تجد أصحاب هذه الأعذار و المحفزات للخروج يصدحن بأصواتهن: بروح..بالدم نفديك يا عراق !

سوف أتوقف عن هذا الحديث.. فلقد تذكرت أنّ غداّ ليلة رأس السنة، حيث من لم يذق طعم خمر سيذوقه هذه الليلة.. و من لم يضع سيجارة في فمه ستكون بدايته في هذه الليلة.. و من لم يقصد ملهى ليلي سيضع أولى خطواته هناك فيه هذه الليلة
كل عام يحصل هذا.. فلماذا لن يحصل هذا العام؟؟
هل تعتقدون أن احتراق غزة سيكون سببا كافيا لعدم حصول .. ذلك؟؟ !!

ليست هناك تعليقات: